3 شركات أردنية تقود الطريق نحو مستقبل أخضر

3 شركات أردنية تقود الطريق نحو مستقبل أخضر

في عالمنا اليوم الذي أصبحت فيه التحديات البيئية أكثر أهمية من أي وقت مضى، تلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً حاسماً في تبني الممارسات المستدامة. في بنك الاتحاد، نحن نقدّر ونحتفل بالشركات التي لا تتفوق في مجالاتها فحسب، بل تقود الطريق نحو مستقبل أخضر.

ولهذا أطلقنا جائزة بنك الاتحاد للشركات الصغيرة والمتوسطة لعام 2023 تحت شعار “المستقبل الأخضر”. ومع أننا عادة ما نقيم جائزة الشركات الصغيرة والمتوسطة سنوياً، إلا أنه تم إلغاء حفل توزيع الجوائز لعام 2023 احتراماً للأوضاع الصعبة التي تشهدها فلسطين. لكن التزاماً منا بالشفافية والعدالة لجميع المتقدمين، قمنا بتنظيم فعالية خاصة للإعلان عن الشركة الفائزة.

اختيارنا لـ “المستقبل الأخضر” كعنوان لجائزة هذه السنة يهدف إلى تسليط الضوء على الشركات التي أظهرت التزاماً متميزاً بتقديم الحلول البيئية أو اعتماد الممارسات الخضراء في عملياتها للحفاظ على الموارد للأجيال القادمة. ومن بين أكثر من 80 شركة تقدّمت للتنافس على الجائزة، تأهلت 3 شركات إلى النهائيات، وهي: شركة كلارا للمياه الصحية وشركة الطيبات لتصنيع المواد الغذائية والشركة الأردنية لصناعة الكرتون.

في هذا المقال، سنعرض لك كيف تقوم كل من هذه الشركات بتمهيد الطريق نحو مستقبل أخضر.

شركة كلارا للمياه الصحية

تأسست شركة كلارا للمياه في عام 2017 لمعالجة مشكلة النفايات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في الأردن ولسد الفجوة التي تركتها بعض كبرى شركات المياه العالمية التي تنتشر منتجاتها في الأسواق الأردنية. والتي على الرغم من امتلاكها للمعرفة والتقنيات اللازمة لإنتاج بدائل أكثر مراعاة للبيئة، إلا أن هذه الشركات تواصل استخدام البلاستيك.

في المقابل، تقوم شركة كلارا للمياه بتقديم المياه في عبوات زجاجية قابلة لإعادة الاستخدام وبأحجام مختلفة.

تحصل الشركة على مياهها من ينابيع أم البساتين، وهي أحد أفضل مصادر المياه في الأردن. وفي حين أنها تقدم حالياً المياه المعدنية فقط، فإنها تخطط قريباً لتقديم المياه الغازية والمياه القلوية (الكالين – ذات درجة حموضة منخفضة).

إن أكثر ما يُعتبر ملهماً في هذه الشركة ليس فقط مهمّتها المؤثرة ولكن أيضاً نموّها السريع. فبحسب ما أخبرنا مشعل البطاينة، مؤسس شركة كلارا للمياه: “عندما تأسست الشركة، وضعنا هدفاً تمثّل في الوصول إلى 1,000 عميل في أول 12 شهراً. وتمكنا من تحقيق هذا الهدف في غضون 4 أشهر فقط.”

ومنذ ذلك الحين، ازداد الطلب على منتجات الشركة، وأصبحت مورّداً للمياه في عبوات زجاجية قابلة لإعادة الاستخدام في قطاع الضيافة في الأردن. من عمّان إلى البحر الميت والبتراء وخارجها، أصبحت العديد من الفنادق والمطاعم تختار منتجات كلارا لضيوفها.

وبالإضافة إلى منتجاتها الرئيسية، توفر شركة كلارا للمياه خدمة جمع عبوات المياه الزجاجية من العملاء لتنظيفها وتعقيمها من أجل إعادة استخدامها. كما قامت الشركة بعقد شراكة مع أحد مزودي حلول إدارة النفايات للعمل على جمع عبواتها الزجاجية من الفنادق والمطاعم. وحتى لو كانت العبوات الزجاجية التي تم استرجاعها مكسورة، فإن هذا لا يشكّل أي مشكلة لأن هذه العبوات يتم شحنها إلى الشركة المصنّعة ليتم إعادة تدويرها مرة أخرى إلى عبوات زجاجية.

بالإضافة إلى ذلك، تبنّت شركة كلارا للمياه العديد من ممارسات التحوّل الأخضر داخلياً، وتفتخر الشركة بكفاءتها في استخدام الطاقة. كما أنها تعتمد على تقنيات تقلّل من المياه المهدرة في عملياتها، والتي تمتد إلى أجزاء مختلفة من مبناها.

أما بالنسبة للركيزة الاجتماعية، فشركة كلارا للمياه تؤمن بالمساواة في الأجر وتوفر للأمهات العاملات خيار العمل من المنزل. وتعتمد الشركة حد أدنى للأجور خاص بها، وهو أعلى بنسبة 35% من الحد الأدنى الرسمي الحكومي، كما توفر وسائل النقل لموظفيها.

شركة الطيبات لتصنيع المواد الغذائية

ولدت شركة الطيبات من حلم زهير القصراوي ببناء مصنع في فلسطين لإنتاج رقائق الشيبس بنكهة فلسطينية مميزة. كانت الرحلة صعبة، خاصة بسبب الحاجة إلى استيراد المواد الخام من الدول الأجنبية إلى منطقة مشهدها السياسي والاقتصادي حرج. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه العقبات، تحوّل هذا الحلم إلى واقع في عام 2011 تحت قيادة داوود، ابن زهير.

أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت عائلة القصراوي إلى تأسيس شركة الطيبات هو إيمانهم بأهمية تصدير المنتجات ذات الهوية العربية. ولكن ما الذي تصنعه الشركة بالضبط؟ رقائق الشيبس! تلك الوجبات الخفيفة المقرمشة صغيرة الحجم والتي تعتبر مثالية لجمعات الأصدقاء. تصنع الطيبات رقائقها من مزيج من المكونات: البطاطس والذرة والبقوليات والقمح، وتخطط الشركة لاستبدال القمح بالشعير في المستقبل القريب.

بعد حصولها على شهادة (FSSC 22000)، وقعت شركة الطيبات اتفاقية مع شركة أغذية عالمية بارزة. مكنتها هذه الاتفاقية من تصدير منتجاتها إلى أسواق أخرى في العراق وفلسطين والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية.

تتكون عملية التصنيع في الطيبات من 4 مراحل: الخلط والتشكيل والتجفيف والتعبئة. وفي كل خطوة، تأخذ الشركة مسؤوليتها البيئية في عين الاعتبار. فمثلاً، تحرص الشركة على تقليل استهلاك المياه أثناء عملية الخلط، وتقوم باستخدام خطوط إنتاج ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة أثناء عمليتي التشكيل والتجفيف. بالإضافة إلى أنها تقوم باستخدام الكرتون المعاد تدويره للتغليف. ولضمان أدنى حد ممكن من النفايات، تعيد الطيبات استخدام خليط المكونات الزائد في خط إنتاجها أو تبيعه كعلف للحيوانات. بالإضافة إلى ذلك، تستمد الشركة 90% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة الشمسية.

وإلى جانب ممارسات التحوّل الأخضر، بذلت الشركة أيضاً جهوداً عديدة في مجال المسؤولية المجتمعية للشركات، مثل خلق فرص التطوع وتوفير الفرص التدريبية للأفراد المهتمين في أقسام محددة.

الشركة الأردنية لصناعة الكرتون

في السبعينيات، كانت إحدى المزارع العائلية في الأردن تواجه تحدياً: تعبئة البيض والفواكه. بدأ صاحب المزرعة في تطوير حلول التعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية. ورأى ابنه مجدي الهشلمون إمكانية إطلاق هذه الفكرة في السوق. في عام 1985، تأسست الشركة الأردنية لصناعة الكرتون، وتخصصت في تصنيع أطباق البيض والفواكه من خلال إعادة تدوير ورق الصحف والمجلات ومقاطع الكرتون باستخدام أجهزة العجن ومن ثم تحويلها إلى صواني من خلال خط إنتاج متخصص.

ومنذ تأسيسها، ركّزت الشركة الأردنية لصناعة الكرتون على الاستدامة. حيث تحوّلت عملية إعادة الاستخدام من كونها ممارسة عائلية إلى مبدأ يشكل مهمة الشركة. وضّحت لنا سارة، ابنة مجدي المسؤولة عن تطوير الأعمال في الشركة: “يولّد الأردن حوالي 2.5 مليون طن من النفايات الصلبة سنوياً، ولكن يتم إعادة تدوير 7-10٪ منها فقط. ولهذا السبب تقّدم الشركة الأردنية لصناعة الكرتون بدائل مستدامة لمواد التعبئة والتغليف التقليدية بهدف التقليل من النفايات في الأردن.”

بالإضافة إلى الأطباق المعاد تدويرها، تمتلك الشركة أيضاً خط إنتاج متخصص بتصنيع صناديق الكرتون المضلّع القابلة لإعادة التدوير بنسبة 100٪. وللحصول على المواد، تتعاون الشركة الأردنية لصناعة الكرتون مع المصانع المحلية والمطابع والجهات الحكومية لتجميع نفاياتها الورقية وتحويلها إلى منتجات جديدة مستدامة.

إن التزام الشركة الأردنية لصناعة الكرتون بالاستدامة يمتد إلى عملياتها أيضاً، فهي تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية في جميع عمليات الإنتاج لديها، وقامت بتنفيذ إجراءات التحديث على الآلات، مما أدى إلى تقليل التكاليف التشغيلية بشكل كبير. وتعتمد الشركة نهج الاقتصاد الدائري، حيث تقوم بتحويل أكثر من 400 طن من النفايات الورقية إلى منتجات مستدامة كل شهر، في حين يتم إعادة استخدام جميع النفايات الناتجة عن عملياتها في عملية التصنيع.

بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الشركة الأردنية لصناعة الكرتون تكنولوجيا استعادة الحرارة ونظام إعادة تدوير المياه لمعالجة المياه المهدرة الناتجة عن عملياتها وجعلها قابلة لإعادة الاستخدام. كما أن غير ذلك من التدابير، مثل تركيب النوافذ ذات الزجاج المزدوج واستخدام تقنية العزل الحراري واستخدام مصابيح إضاءة LED، تثبت التزام الشركة بالممارسات المستدامة.

إلى جانب هذه التدابير الخضراء، تهدف الشركة إلى التأثير بشكل إيجابي على المجتمع من خلال التوظيف المحلي، وتوفير وسائل النقل للموظفين، وتطوير برنامج تعليمي لرفع مستوى الوعي حول إعادة التدوير في المدارس في جميع أنحاء الأردن.

أدى النهج الشامل الذي تبنّته الشركة الأردنية لصناعة الكرتون تجاه الاستدامة إلى فوزها بجائزة بنك الاتحاد للشركات الصغيرة والمتوسطة لعام 2023، بعد أن تم اختيارها من قبل لجنة من الحكام المستقلين. حصلت الشركة على جائزة نقدية قيمتها 50.000 دينار أردني، وقرّرت تخصيص 30% من المبلغ لتطوير بنيتها التحتية، و30% لبرامج التوعية التعليمية في المدارس والمجتمعات المحلية، و40% للأبحاث والتطوير فيما يتعلق بالتقنيات المبتكرة التي تهدف إلى دعم التكنولوجيا الدائرية. ويؤكد هذا النهج التقدمي التزام الشركة ليس فقط بنموها الخاص ولكن أيضاً بالصورة الأكبر للاستدامة البيئية والمشاركة المجتمعية.

هل كان هذا المقال مفيدًا؟
انضم إلينا في رحلة التحسين المستمرة! نحن جاهزون لسماع ملاحظاتك واستيعاب أفكارك وتحويلها إلى محتوى حتماً ستستمتع به!