كيف تخطط للتقاعد وسط التحديات الاقتصادية

كيف تخطط للتقاعد وسط التحديات الاقتصادية

عندما تفكر في التقاعد، فإنك غالباً ما تتخيل حياة مستقرة وهادئة، أيام من الراحة المتواصلة على قاربك الخاص، الاسترخاء اللانهائي في منزلك الشاطئي، ووقت أكثر من كافٍ للاستمتاع بكل الأشياء  التي لم تجد لها وقتاً في المراحل المبكرة من حياتك. ولكن في هذه الأوقات غير المستقرة وسريعة التغيّر، وفي ظل التحديات السياسية وعدم اليقين الاقتصادي وتقلبات السوق، يصبح من الصعب على الكثير من الناس تحقيق أحلامهم التقاعدية.

من المؤكد أن التخطيط للأشياء الخارجة عن سيطرتك يمكن أن يكون متعباً، خصوصاً عند الاقتراب من دخول مرحلة جديدة من حياتك مثل التقاعد. لذا، حاول أن لا تستسلم للخوف، وأن تركّز على ما يمكنك السيطرة عليه، مثل اختياراتك وقراراتك المالية. وصدّق أو لا تصدّق، ستتمكن من التخطيط للتقاعد بنجاح حتى وسط التحديات وعدم اليقين. إذا كنت ترغب في التقاعد بسلام وثقة في المستقبل، فإليك بعض النصائح حول كيفية التخطيط للتقاعد في زمن عدم اليقين.

قيّم وضعك الحالي

لنبدأ بتحليل وضعك المالي بعناية. هل لديك دخل ثابت؟ هل تمتلك مصادر دخل إضافية؟ هل قمت بسداد جميع ديونك؟ إذا أجبت بنعم على هذه الأسئلة، فهي تساعدك على فهم ما إذا كنت جاهزاً للبدء في خطة التقاعد. 

ركّز على أهدافك

اجعل أهدافك التقاعدية واضحة ومحددة. ما هي الأنشطة التي تود القيام بها في فترة التقاعد؟ هل تحلم بالسفر؟ أم بإنشاء حديقتك الخاصة؟ تحديد الأهداف يمهد الطريق أمامك لتحقيق أحلامك. احرص على ألا تكون الأهداف مبهمة مثل “الاسترخاء”، لأنك في هذه الحالة، قد تجد نفسك تحدّق بالسقف متسائلاً عما يجب عليك فعله بعد ذلك.

خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي، من السهل أن تنشغل في تقلبات السوق قصيرة المدى. لكن التخطيط الناجح للتقاعد يتطلب التركيز على الأهداف والغايات طويلة المدى. تجنب اتخاذ قرارات متهورة بناءً على تقلبات السوق، وبدلاً من ذلك، حافظ على نهج منضبط يتماشى مع جدولك الزمني للتقاعد وأهدافك المالية.

ضع خطة مالية

استند إلى تقييمك لوضعك الحالي وأهدافك، وضع خطة مالية تساعدك على تحقيق أحلامك. احرص على أن تشمل هذه الخطة جميع مصادر الدخل والمصروفات المتوقعة وكيفية إدارة الديون إذا كانت موجودة. ولا تنسَ أن تشمل خطتك إنشاء صندوق طوارئ فيه ما يكفي من المال لتغطية أي نفقات غير متوقعة خلال الفترات الاقتصادية الصعبة.

فكّر في مدى موثوقية مصادر دخلك

من المهم أن تتذكر أنه ليست كل مصادر الدخل متساوية في موثوقيتها. فمثلاً، الضمان الاجتماعي وخطط المعاشات التقاعدية للشركات تأتي في أعلى مقياس الموثوقية. لكن تُعتبر مصادر الدخل الأخرى مثل الإيجار أو حقوق الملكية أو دخل الأعمال الصغيرة أقل موثوقية، خاصة في الأوقات الاقتصادية غير المؤكدة والمتقلبة.

عند تحديد احتياجاتك من الدخل لفترة التقاعد، وحجم المال الذي تحتاجه قبل التقاعد، ضع في اعتبارك السيناريوهات السلبية التي قد تؤثر سلباً على مصادر دخلك. اسأل نفسك الأسئلة الصعبة التالية:

  1. ماذا لو لم يتم تأجير عقارك لمدة 6 أشهر أو سنة؟
  2. ماذا لو انخفضت الإيجارات؟ 
  3. ماذا لو بدأ دخل حقوق الملكية من كتابك أو براءة الاختراع الخاصة بك في الانخفاض؟ 
  4. ماذا لو بدأ دخل مشروعك الصغير في الانخفاض؟

كيف سيغير ما سبق في خطة تقاعدك والمبلغ الذي تحتاج إلى ادّخاره قبل التقاعد؟

استثمر بذكاء

استثمر بذكاء لضمان استمرار دخلك بعد التقاعد. قد تحتاج إلى النظر في الاستثمار في الأسهم والسندات وصناديق التقاعد وغيرها من الخيارات لضمان تحقيق العائد المناسب. ولا تضع كل البيض في سلة واحدة، هذه النصيحة القديمة تنطبق تماماً على التخطيط للتقاعد. يجب تنويع محفظتك الاستثمارية لتقليل المخاطر والتخفيف من تأثير التقلبات الاقتصادية على مدّخراتك ودخلك التقاعدي. قم بتوزيع استثماراتك عبر مجموعة متنوعة من الأصول، مثل الأسهم والسندات والعقارات وصناديق الاستثمار المتداولة والذهب. يمكن أن يساعد التنويع في توفير فرص أكبر للنمو في ظروف السوق المختلفة.

احرص أيضاً على مراجعة محفظتك الاستثمارية بانتظام، فغالباً ما يؤدي عدم اليقين الاقتصادي إلى تغييرات في ديناميكيات السوق وتقييمات الأصول. قم بتعديل خططك الاستثمارية وإعادة موازنة وتوزيع أصولك بشكل دوري للتأكد من أنها لا زالت تتناسب مع قدرتك على تحمل المخاطر وجدولك الزمني وأهدافك المالية. ولا تفوّت الاستفادة من فرص الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع.

كن مرناً وتكيّف حسب الحاجة

المرونة هي مفتاح التخطيط الناجح للتقاعد في الأوقات المتقلّبة. ففي عالم سريع التغيّر، يجب أن تظل مرناً وجاهزاً للتكيف مع التغييرات. لا تتمسك بخططك بشكل صارم، بل اعتمد على التعديل والتغيير بناءً على الظروف والمستجدات. قم بمراجعة وتحديث خطتك المالية بانتظام وكن مستعداً لتعديل استراتيجية التقاعد الخاصة بك لتتناسب مع التطورات في العالم، سواء كان ذلك تأخير التقاعد، أو تعديل عادات الإنفاق، أو استكشاف مصادر دخل بديلة، أو السفر إلى المرّيخ مثلاً! من خلال الحفاظ على المرونة والقدرة على التكيف، يمكنك التغلب على حالة عدم اليقين الاقتصادي بثقة ومرونة.

كن جاهزاً لمواجهة التضخم

في كل عام، تقل القوة الشرائية للمال وتزداد الأسعار بفضل التضخم، لذا خذ بعين الاعتبار بأن سعر الخبز  قد يصل إلى ضعف ما هو عليه الآن بعد 20 سنة.

قد يكون التعامل مع التضخم سهل نسبياً أثناء استمرارك في العمل، فهناك دائماً فرص لكسب المزيد من المال، أو الحصول على مكافأة، أو زيادة في الراتب. ولكن التعامل مع التضخم قد يكون أصعب بعد التقاعد، خاصة مع عوائد الاستثمار والأموال المحدودة، واحتمالية أن تعجز رواتب الضمان الاجتماعي عن مواكبة وتيرة التضخم وتغطية تكاليف الأساسيات اليومية مثل الرعاية الصحية. 

الطريقة المثالية للتعامل مع التضخم هي التخطيط بشكل واقعي. احترس منه عن طريق ضمان أن خطتك تأخذ تغييرات التضخم بعين الاعتبار، وقم بتخصيص الأموال خصيصاً لذلك. اعتبر المدّخرات التي تضعها جانباً للتقاعد بمثابة استثمار في المستقبل، لأنك بالتأكيد ستحتاج إلى المزيد من المال لشراء الخبز في المستقبل!

إن عدم اليقين جزء من الحياة ويمكن أن يزيد حجم تأثيره أو ينقص مع مرور الوقت. ولكن إذا كنت تعرف المبادئ الأساسية للإنفاق بشكل مقتصد والاستثمار بحكمة، فيمكنك بسهولة تقليل تأثير عدم اليقين على خططك. فبالتخطيط الجيد والتحضير السليم، يمكنك الاستمتاع بسنوات التقاعد بسلام وهدوء.

هل كان هذا المقال مفيدًا؟
انضم إلينا في رحلة التحسين المستمرة! نحن جاهزون لسماع ملاحظاتك واستيعاب أفكارك وتحويلها إلى محتوى حتماً ستستمتع به!