الجانب الآخر للموضة السريعة: ما ثمنها الحقيقي؟

في عالمنا سريع الخُطَى، أصبح الناس يتّجهون نحو الموضة السريعة، ومع تغيّر الموضة باستمرار وبشكل سريع، وحاجة الناس لمواكبتها، أصبحت الملابس تُعامَل وكأنها صالحة للاستعمال لمرة واحدة فقط. لكن هل فكّرت يوماً بالتكلفة الخفيّة وراء تلك الملابس العصرية؟

حان الوقت لنتحدث عن الثمن الحقيقي للموضة السريعة وكيف تؤثر على محفظتك. هيا نبدأ!

ما هي الموضة السريعة؟

هل سبق أن أعجبكِ فستاناً في عرض للأزياء أو رأيتَ قميصاً يرتديه أحد المشاهير وقلت لنفسك: “أريد مثله لكنه غالي الثمن”؟ هذا بالضبط ما تقوم عليه الموضة السريعة! فهي نموذج عمل في مجال صناعة الملابس يتيح للمتسوقين العثور على قطع ملابس من أحدث صيحات الموضة في المتاجر وشرائها بأسعار منخفضة.

الآن، ما المشكلة في ذلك؟

قبل ظهور الموضة السريعة، كان يتم إطلاق الملابس الجديدة مرتان في السنة، أما حالياً، فتقوم المتاجر والعلامات التجارية بإصدار مجموعات الملابس الجديدة كل أسبوعين.

المشكلة هي أن الوتيرة السريعة لهذه الملابس لها ثمنها. لتلبية الطلب الكبير على الملابس العصرية منخفضة التكلفة، تقوم عادةً ماركات الأزياء السريعة بأخذ طرق مختصرة فيما يتعلق بأخلاقيات إنتاج الملابس وجودتها. ولسوء الحظ، هذا النهج له آثار طويلة المدى على المستهلكين والبيئة والاقتصاد.

لنستكشف معاً آثار الموضة السريعة:

• أثر الموضة السريعة على محفظتك

على الرغم من أن قطع الملابس السريعة قد تكلف أقل، إلا أنه من المهم أن نأخذ المشكلات التي تأتي معها بعين الاعتبار. فهذه الملابس غالباً ما تكون سيئة الجودة ولا تدوم طويلاً. هل سبق أن انزعجت من الوبر الذي يظهر على القماش أو لاحظت أن لون ملابسك أصبح باهتاً؟ أو أن أحد قمصانك أصبح صغيراً بعد غسله؟ حدث ذلك معنا أيضاً! لهذا السبب نحن لسنا من محبي الموضة السريعة، فهي تبدأ بالتلف بعد ارتدائها لبضع مرات، وسنضطر عندها لشراء ملابس جديدة، مرة أخرى! قد تشعر كما لو أنك عالق على عجلة هامستر ، تنفق المال مراراً وتكراراً لاستبدال الملابس التالفة بملابس جديدة. هذه الدورة اللامنتهية ستقف في طريق حصولك على ملابس بجودة أفضل وتدوم لمدة أطول.

كما أن الموضة السريعة تؤدي إلى الاندفاع في الشراء، هذا لأن فكرة الحصول على شيء بسعر منخفض سيشجّعك على شراء أكثر مما تحتاج، وهذا سيجعلك تنفق المال دون داعِ وسيؤدي إلى تراكم أكثر مما تحتاج من الملابس، وهذا ما تسعى الموضة السريعة إلى تحقيقه.

• الأثر السلبي للموضة السريعة على البيئة

تساهم صناعة الملابس بشكل كبير في التلوث وزيادة النفايات في العالم. وكل مرحلة من مراحل دورة حياة قطع الملابس لها تأثير بيئي، ابتداءً من اختيار مصادر مواد الإنتاج وانتهاءً بالتخلص من قطع الملابس بعد تلفها. أولاً، يتطلب إنتاج المنسوجات كميات هائلة من الماء والطاقة والمواد الكيميائية. فمثلاً، المواد المستخدمة بكثرة مثل القطن تستهلك كمية كبيرة من موارد المياه في العالم. كما أن عملية صبغ الملابس وإضافة اللمسات الأخيرة عليها تتضمن استخدام مواد كيميائية ضارة تلوث مصادر المياه وتضر البيئة.

كما يؤدي التخلص من الملابس التالفة إلى تراكم كبير للنفايات. هل تساءلت يوماً ماذا يحدث للملابس بعد رميها؟ بعضها ينتهي به الأمر في مكبّات النفايات، ومع مرور الوقت تتحلل وتطلق غازات ضارة للغلاف الجوي. وبعضها الآخر يتم حرقه، مما يساهم في تلوث الهواء وتفاقم ظاهرة التغير المناخي.

• أثر الموضة السريعة على الاقتصاد

قد تبدو الموضة السريعة خياراً رائعاً لمن يرغب بشراء ملابس منخفضة التكلفة، لكنها قد تضر بالاقتصاد على المدى البعيد. كيف؟ الأسعار المنخفضة للملابس السريعة تضر متاجر الملابس المحلية الصغيرة والمصممين المحليين. ويواجه الحرفيون التقليديون والمصممين المستقلون صعوبة في مواكبة الأسعار المنخفضة والإنتاج الضخم لماركات الأزياء السريعة. ولهذا يضطر أحياناً العديد منهم للتوقف عن العمل.

ما العمل إذاً؟

هناك بدائل للموضة السريعة تتيح لك اتخاذ خيارات أكثر وعياً واستدامة. أحد الخيارات هو التسوق من ماركات الملابس المسؤولة والمستدامة التي تستخدم مواد صديقة للبيئة. بإمكانك أيضاً استكشاف متاجر الملابس المستعملة التي توفر مجموعة كبيرة من قطع الملابس الفريدة والأكثر استدامة. بهذه الطريقة ستمنح هذه الملابس حياة ثانية وستساهم في تقليل النفايات.

نأمل أن يكون هذا المقال قد بيّن لك آثار الموضة السريعة على الرغم من سعرها المنخفض. وفي المرة القادمة التي تضعف بها أمام قطعة ملابس منخفضة السعر ، تذكر التكاليف الخفية التي تأتي معها، وتذكّر أنها قد توفر عليك المال في لحظتها، لكن التكلفة الحقيقية قد تكون أعلى من ذلك بكثير. لذا، ابحث عن الجودة بدلاً من الكمية، واجعل اختياراتك للأزياء تُظهر اهتمامك بكوكبنا.