كيف تؤثر العوامل النفسية على سلوكيات الشراء اليومية؟

كيف تؤثر العوامل النفسية على سلوكيات الشراء اليومية؟

هل سبق أن ذهبت للسوق لشراء بنطال واحد ووجدت نفسك بعد 3 ساعات تخرج من المحل حاملاً ثلاثة بناطيل وأربعة قمصان وحذائين لم تخطط لشراء أي منهم؟ لماذا يحدث معنا ذلك؟ 

هذا ما يسمى بالشراء الاندفاعي، وهو ببساطة سلوك شرائي يتمثل بشراء شئ غير مخطط له، وفي أغلب الأحيان لا تحتاجه، بسبب عوامل معينة. لكن ما هي هذه العوامل؟ هناك العديد من العوامل التي تتحكم بسلوكنا الشرائي وتدفعنا لأخذ قرارات شرائية قد لا تكون عقلانية أو لمصلحتنا. لكن فهم سبب شراءنا لما نشتريه يمكن أن يساعدنا في أخذ قرارات أفضل في المستقبل.

أهمية أخذ قرارات التسوق الذكية

قد لا يعطي أغلبنا أهمية لمخاطر الشراء الاندفاعي، لكنه قد يكون السبب الرئيسي وراء تراكم الديون إن كنت تستخدم بطاقتك الائتمانية للتسوق. المشتريات التي قد تعتقد أنها صغيرة، من الممكن أن تتراكم وتصبح ديون كبيرة يتطلب سدادها سنوات. وحتى لو لم تقع في فخ الديون، فإن الإنفاق الزائد سيقف عائقاً أمام الادّخار لأهدافك، مثل شراء منزل أو سيارة أو تأسيس عملك الخاص.

في هذا المقال، سنساعدك في فهم العوامل النفسية والمشاعر التي تشكّل عادات وسلوكيات الشراء الخاصة بنا، والأشياء التي تدفعنا لإنفاق المال أكثر.

الحِيَل التسويقية

قد تتساءل: ما علاقة التسويق بمشاعرنا؟ سنخبرك الآن. من المؤكد أنك رأيت يوماً ما إعلاناً تلفزيونياً لمائدة الطعام في رمضان، حيث يجتمع أفراد العائلة بكل سعادة حول الطاولة لتناول الطعام مع عصيرهم المفضل. إذا ذهبت للتسوّق في اليوم التالي ورأيت نفس نوع العصير، سترى في ذهنك أيضاً صورة العائلة السعيدة، وعند شراءك لهذا العصير، فأنت تشتريه لأنه أثار لديك مشاعر تجاه مبدأ العائلة السعيدة.

في لحظة الشراء، قد لا تدرك أن عقلك الباطن هو من أخذ قرار الشراء عنك، لكن تأكد، تقريباً كل عملية شراء تتأثر بالفكر اللاواعي الخاص بك ووراءها مجموعة من المشاعر. 

مثلاً، عندما ترى إعلاناً لشركة تأمين ينصحك بالحصول على تأمين طبي لأطفالك، فحصولك على التأمين نابع من شعورك بالخوف على أطفالك من المرض أو الضرر الجسدي.

الضغوطات الاجتماعية 

تخيّل أنك خصصت 20 ديناراً لتناول العشاء مع أصدقاءك في مطعم ما، وبعد أن أنفقت الـ 20 ديناراً على العشاء، اقترح أحد أصدقاءك أن تذهبوا لشرب القهوة مع قطعة كيك. بينما أنت لا ترغب بإنفاق المزيد من المال، لكنك في نفس الوقت لا ترغب بتفويت الحديث الذي سيدور بينهم أو الشعور بأنه تم استبعادك. 

على الأغلب أنك ستذهب معهم وستنفق المزيد من المال، وهذا أمر طبيعي لأن عقولنا مصممة لمساعدتنا على أن نكون جزء من المجموعة والانتماء لمجموعاتنا، وهذا ما يسميه علماء النفس (سلوك القطيع). لهذا نميل في بعض الأحيان إلى الإنفاق أكثر عندما نكون مع أشخاص آخرين لأننا نبدأ بتقليد سلوكياتهم، وهذا ما نعنيه بالضغوطات الاجتماعية.

قد تظهر الضغوطات الاجتماعية أيضاً في أشكال أخرى، مثل المظاهر. فمثلاً، تخيّل معنا أن جميع أصدقاءك يمتلكون أجهزة آيفون التي يزيد سعرها عن 900 دينار، وأنت الوحيد الذي تمتلك جهاز سامسونج ثمنه 400 دينار. قد تشعر بأن أصدقاءك أفضل أو أغنى أو أنجح منك، وهذا سيدفعك لشراء جهاز آيفون حتى لو كنت لا تستطيع تحمّل تكلفته. 

تصيّد العروض

من منا لا يحب الخصومات؟ تخيّل أنك أثناء التسوق أونلاين رأيت ساعة ثمنها 200 دينار لكنها معروضة بخصم 50%. بالطبع ستقول لنفسك: “لقطة!” كيف لي أن أفوّت هذا العرض؟ ستشتري الساعة وستشعر بالفخر بقدرتك على اصطياد العروض، ففي النهاية، أنت وفّرت 100 دينار! 

شراء الأشياء التي تحتاجها في وقت الخصومات هي طريقة رائعة للتوفير، لكنك لا توفّر المال عند شراء ما لا تحتاج فقط لأنه معروض بخصم. قد تظن أنك بشراء الساعة وفّرت 100 دينار. لكن في الحقيقة أنت أنفقت 100 دينار. 

السعادة اللحظية

هل شعرت يوماً بالإحباط وقررت أن تشتري لنفسك جرعة سعادة من خلال الذهاب للتسوق؟ لا يستطيع أحد أن ينكر أن شراء شيء جديد يصاحبه شعور بالسعادة وتحسين المزاج، فالتسوق يزيد من مستوى المواد الكيميائية في الدماغ التي تنظم مشاعر السعادة. 

المشكلة الوحيدة هي أن هذا الشعور بالسعادة لا يستمر طويلاً، فهو ينتهي بمجرّد أن تتذكر أنك قد لا تستطيع دفع قسط قرضك الشخصي هذا الشهر لأنك أنفقت 300 دينار على مستحضرات التجميل مثلاً، وهنا تتحوّل مشاعر السعادة إلى الندم والإحساس بالذنب. 

مبدأ السعادة اللحظية أيضاً يسرق المال من أهدافنا بعيدة المدى. فإن كنت مثلاً في متجر ما ورأيت شيئاً أعجبك ثمنه 20 دينار، وفي نفس الوقت كنت تحاول الادّخار للسفر إلى سيريلانكا العام القادم. ماذا ستفعل؟ هل ستشتري الشيء الذي أعجبك لتحصل على شعور بالسعادة اللحظية، أم ستوفّر هذا المبلغ لتحصل على مكافأتك الكبيرة وتستمتع برحلة بعيدة لكن ستمنحك تجربة رائعة؟ 

في كثير من الأحيان، يختار عقلك تلقائياً مكافآت أصغر وفورية على المكافآت الأكبر التي عليك انتظارها لوقت أطول. لهذا من المهم محاربة هذه العادة ووضع أهدافك أمام عينيك.

نصيحتنا لهذا الأسبوع

المال الموجود في محفظتك أو حسابك البنكي لم ينمو على شجرة الحديقة، فأنت تعمل يومياً وتبذل مجهوداً كبيراً لاكتسابه، وعليك إنفاقه بانتباه وعناية. لذا، قبل أن تقرر تمرير بطاقتك على جهاز الدفع في المتجر، اسأل نفسك الأسئلة التالية:

  • هل حقاً سأستخدم هذا المنتج، وماذا سيضيف لحياتي؟ 
  • ما هي دوافعي وراء شراء هذا الغرض؟
  • هل لدي أي منتج في المنزل يوفر لي نفس الفائدة؟ 
  • هل شعرت بحاجة لشراء هذا المنتج قبل أن أراه في المتجر؟
  • هل يمكنني الحصول على نفس المنتج بسعر أقل في مكان آخر؟ 

في الكثير من الأحيان، عقلك الباطن هو من يقوم بعملية الشراء عنك، نعم بإمكانك لومه والاستمرار بحياتك، لكن بإمكانك أيضاً التفكير بمشترياتك بعناية وتحليلها لتتمكن من شراء ما تحتاج بدون القلق من العواقب المالية.

هل كان هذا المقال مفيدًا؟
انضم إلينا في رحلة التحسين المستمرة! نحن جاهزون لسماع ملاحظاتك واستيعاب أفكارك وتحويلها إلى محتوى حتماً ستستمتع به!