كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا

غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا من عدة نواحي وأضافت لها العديد من الأشياء الرائعة. فبدون فيسبوك مثلاً، كيف لك أن تعرف أن صديق الطفولة الذي لم تره منذ 10 سنوات قد تزوج؟ وبدون منشورات القطط المضحكة على إنستغرام، ماذا ستشاهد كل ليلة قبل النوم؟ وكيف ستحصل على آخر أخبار العالم بدون تويتر؟ 

بينما لا يستطيع أغلبنا تخيل الحياة بدون مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يمكن لأحد لومنا، فهي تبقينا على تواصل مع العالم، إلا أن أغلبنا يغفل عن تأثير هذه المواقع على حساباتنا البنكية. فأحياناً يكون من الصعب تصفّحها دون الشعور بالرغبة في شراء شيء ما. ولكن لا تقلق، أنت لست وحدك.

في هذا المقال، سنستكشف معاً كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على عادات الإنفاق لدينا، وهل فعلاً تجعلنا ننفق المزيد من المال؟

ظاهرة الخوف من أن يفوتك شيء ما (FOMO)

ظاهرة الخوف من تفويت شيء ما هي شعور بالتوتر أو القلق يصيب الشخص عند إدراكه بأن الآخرين يتمتعون بمزيد من المرح، أو يعيشون حياة أفضل، أو يمرون بتجارب ممتعة لا ترغب بتفويتها. إلى جانب الشعور الدائم بالرغبة في متابعة كل المستجدات وحضور مختلف المناسبات حتى لا يفوّت شيء ما.

هذه الظاهرة يمكن أن تدفع الأشخاص إلى اتخاذ قرارات بناءً على الأشياء التي ينشرها الآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي. وعندما يتم تطبيق مفهوم الـ FOMO على المال، فإنه يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في الإنفاق.  

مثلاً، رؤية صور لأصدقاءك أثناء تجربة مطعم جديد تم افتتاحه في مدينتك سيجعلك ترغب بزيارة هذا المكان أيضاً. مع أنك ربما قد تكون مررت بجانب المطعم قبل عدة أيام ولم تعره أي اهتمام. وهذه إحدى الحالات التي تقودك فيها مواقع التواصل الاجتماعي إلى إنفاق المال على أشياء لم تكن تعرف أنك تريدها أو بحاجة إليها. 

المنتجات التي تكتسب شهرة كبيرة

هل سبق لك أن اشتريت منتجاً ما لمجرد أنك أصبحت تشاهده في كل مكان على قنوات التواصل الاجتماعي؟ هذه أيضاً إحدى الطرق التي تقودك فيها منصات التواصل الاجتماعي إلى إنفاق المزيد من المال. عندما يكتسب منتج ما شعبية كبيرة بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، ستشعر وكأنك لا تملك خياراً سوى شرائه. حتى أنك قد تبدأ بالتخيل بأنك تحتاجه فعلاً ولا تستطيع العيش بدونه أو أنه سيغيّر حياتك!

دعنا نعطيك مثالاً: قد يكون المنتج مكنسة الروبوت التي أصبحت مشهورة جداً في الآونة الأخيرة والتي على الرغم من أنها تقوم بنفس وظيفة المكنسة الكهربائية التقليدية، إلا أنها أغلى ثمناً بكثير!

دعونا لا ننسى أيضاً أن الناس هي من تعطي المنتجات شعبيتها. وقد تقوم بأخذ قرارات الشراء بناءً على سلوك الآخرين. مثلاً، رؤية الكثير من التعليقات أو التقييمات الجيدة حول منتج معين قد يجعلك تقرر أن الشركة جديرة بالثقة وأن المنتج جيد.

المشكلة هنا هي أن شهرة وشعبية هذه المنتجات عادةّ ما تتلاشى في نهاية المطاف، وعند حدوث ذلك، فإنك ستنسى هذا المنتج في الجزء الخلفي من إحدى خزانات المنزل، وللأسف، المال الذي دفعته مقابل المنتج لن يعود.

الضغوطات الاجتماعية ومواكبة الأصدقاء 

للأسف، جعلت وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة أنفسنا بالآخرين أسهل من أي وقت آخر. نرى أصدقائنا ينشرون صوراً لإجازاتهم الفاخرة، وسياراتهم الجديدة، وملابسهم باهظة الثمن، ولا يسعنا إلا أن نشعر بأننا نرغب بما لديهم حتى لا نشعر بأننا أدنى منزلة منهم. وهذا يمكن أن يقودنا إلى إجراء عمليات شراء قد لا نعطيها الأولوية في حالات أخرى. ففي النهاية، من منا يريد أن يكون الشخص الوحيد الذي لا يمتلك أحدث هاتف iPhone؟

قد تؤثر محاولة مواكبة نمط حياة غيرك من الناس على كيفية إدارة أموالك. وهذا لأن وضعك المالي يختلف عن وضع غيرك. فقد تكون عرضة لأخذ قرارات مالية غير مناسبة لوضعك المالي عند محاولتك لمواكبة الآخرين. وهذه القرارات يمكن أن تؤدي إلى ديون لا يمكن السيطرة عليها.

الإعلانات في كل مكان 

هل سبق لك أن قمت بالبحث عن شيء ما على Google، ثم فتحت وسائل التواصل الاجتماعي وشاهدت إعلاناً عن نفس الشيء الذي كنت تبحث عنه؟ إذا كنت تحاول فهم كيفية تأثير إنستغرام أو تيك توك على أموالك، فالإعلانات المستهدفة هي واحدة من الطرق.

تحتوي منصات التواصل الاجتماعي على شروط وأحكام يجب عليك الموافقة عليها عند التسجيل. وهذا يسمح للمنصة بحفظ وجمع بيانات عن اهتماماتك ومراقبة سلوكياتك على هذه المواقع، ليتم استخدام هذه البيانات للتنبؤ بالمنتجات والخدمات التي قد تنال إعجابك وقد تميل لشرائها، ثم إيصال إعلانات مصممة حسب تفضيلاتك. نعم، أحياناً يبدو الأمر كما لو أنهم يعرفوننا أفضل مما نعرف أنفسنا!

يمكن للشخص منا أن يرى ما يصل إلى 10,000 إعلان يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي. وكلما كان الإعلان جذاباً أكثر، كلما كان النقر على المنتج وشراؤه مغرياً أكثر. لذا، إن كنت تحاول التوقف عن الإفراط في الإنفاق، فقد تكون إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي أكبر عائق أمام نجاحك.

لا تنسى أيضاً أن تطبيقات التواصل الاجتماعي توفر تجربة شراء أسهل وأسرع، بإمكانك شراء منتج دون مغادرة التطبيق! وهذا يجعل إنفاق المزيد من المال أسهل وأسرع أيضاً.

الوقوع في فخ المؤثرين

تقوم العديد من الشركات بالاعتماد على مؤثري منصات التواصل الاجتماعي في التسويق لمنتجاتهم أو خدماتهم من خلال مشاركة المنشورات  على صفحاتهم، والتي عادةً ما تحتوي على عدد كبير من المتابعين. تتمثّل وظيفة المؤثرين في بيع أسلوب حياتهم، لذا، من البديهي أنهم يريدون منك أن تنفق أموالك على الأشياء التي يروجون لها، وإلا فإنهم ببساطة لن يكسبوا لقمة عيشهم.

 إعلانات المؤثرين موجودة في كل مكان على وسائل التواصل الاجتماعي ومن الصعب جداً الهروب منها، وهذا قد يزيد من الإنفاق المندفع لديك. فمثلاً، قد ترين مؤثرة التجميل المفضلة لديك تروّج لأحمر شفاه جديد بقيمة 50 دينار أو فستاناً بقيمة 500 دينار وتقررين أنك بحاجة إلى شرائه أيضاً لتشعري أنك جميلة.

ما قد لا تعرفه هو أن المؤثرين يتقاضون أجراً للترويج لهذه المنتجات على حساباتهم، ولم يشترونها بأنفسهم. وهذا يجعل وسائل التواصل الاجتماعي فخاً للإفراط في الإنفاق. 

الخلاصة

نحن نعيش في عصر السعادة الفورية. نريد ما نريد، ونريده الآن، وعزّزت وسائل التواصل الاجتماعي هذه الرغبة لدينا وجعلت الحصول على كل شيء أسهل. وهذا يمكن أن يقودنا إلى إجراء عمليات شراء متهورة دون النظر إلى العواقب طويلة المدى. لكن لا تقلق. هناك طرق لمقاومة الإغراء! في كل مرة توشك على شراء شيء ما، خذ نفساً عميقاً، واترك الهاتف جانباً، واسأل نفسك ما إذا كانت عملية الشراء تتوافق مع قيمك وأولوياتك.

قد يساعدك أيضاً تطبيق قاعدة الـ 30 يوماً. عند رؤية شيء ما ترغب بشرائه، انتظر لمدة 30 يوماً لتقرر ما إذا كنت بحاجته أم لا. وبعد انتهاء الثلاثين يوماً، قد تقرر أنك لست بحاجته، وستكون وفّرت المال!

إن شعرت أنك ما زلت تعاني في مقاومة الإنفاق الزائد، فكّر في إلغاء متابعة بعض العلامات التجارية أو المؤثرين، وجرّب تقليل الوقت الذي تقضيه في تصفح منصات التواصل الاجتماعي. 

هل كان هذا المقال مفيدًا؟
انضم إلينا في رحلة التحسين المستمرة! نحن جاهزون لسماع ملاحظاتك واستيعاب أفكارك وتحويلها إلى محتوى حتماً ستستمتع به!