مبروك! لقد حصلت على زيادة راتب في العمل! هذا دليل على عملك الجاد. على الأغلب ستبدأ الآن بالتفكير في كل الأشياء التي أصبح بإمكانك شراءها أو القيام بها، مثل شراء هاتف جديد أو حجز رحلة السفر التي طال انتظارها. بينما هذا الإنجاز يستحق الاحتفال ومكافأة نفسك، لكن من الحكمة أن تكون استراتيجياً، فهناك بعض الخطوات التي يجب عليك اتخاذها للتأكد من أنك تتخذ قرارات تعزز استقرارك المالي وتُجنّبك الوقوع في فخ تضخم مستوى المعيشة.
ما هو تضخم مستوى المعيشة؟
تضخم مستوى المعيشة هو ما يحدث عندما يزيد دخل الشخص، ونتيجة لذلك، يزداد إنفاقه. بالنسبة لبعض الناس، قد يتجسد هذا في استبدال السيارة الحالية بسيارة أحدث مع أن السيارة الحالية قد لا تعاني من أي مشاكل. أو مثلاً الانتقال لشقة أكبر وأكثر فخامة. أو أبسط من ذلك، البدء في شراء الملابس والأطعمة الأغلى ثمناً بحجة أنك تستطيع تحمّل تكلفتها الآن.
ولكن إذا كان مبلغ الزيادة على الراتب يتجه كلياً نحو زيادة نفقاتك اليومية الدائمة، فلن تترك الكثير على الطاولة لأي شيء آخر. لذا حاول أن تقاوم إغراء النفقات الجديدة، فالأشخاص الذين يقومون بإنفاق كامل مبلغ زيادة الراتب على أشياء أكبر وأحدث وأفضل يمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى الوقوع في الديون. هل تتساءل كيف من الممكن أن تقع في الديون لمجرد أنك أصبحت تكسب المزيد من المال؟ إليك مثال:
تخيّل معنا أن مروان يمتلك سيارة جيدة ولكنه يريد سيارة أفضل. مع راتبه الحالي والدفعة الأولى التي يملكها، لا يمكنه الحصول على موافقة على قرض سيارة. لكن بعد حصوله على زيادة راتب في العمل، أصبح راتبه الآن بالكاد يكفيه للحصول على القرض بعد استبدال سيارته القديمة. قام مروان بشراء السيارة الجديدة، والآن انتقل من امتلاك سيارة جيدة إلى امتلاك سيارة أخرى جيدة! من المؤكد أن سيارته الآن أحدث وأفضل وربما أكبر. ولكن عليه الآن أيضاً أن يسدد أقساطاً شهرية بالكاد يستطيع تحملها، ناهيك عن التكاليف الأخرى التي تأتي مع سيارة أحدث أو أكبر.
إذا كنت مرتاحاً في مستوى معيشتك الآن، فلا ينبغي أن تكون زيادة الراتب حجة لتغييره. على الأقل، انتظر شهرين أو ثلاثة قبل اتخاذ أي قرارات كبيرة بشأن نفقاتك. المفتاح هو معرفة الفرق بين ما تحتاجه وما تريده. إذا كان بإمكانك الحفاظ على نفقاتك الشخصية كما هي والاستمرار بنفس مستوى معيشتك، وتخصيص هذه الزيادة لتحقيق أهدافك المالية.
ما هي أهدافك المالية الحالية؟
كيفية التصرّف بزيادة الراتب التي حصلت عليها تعتمد بشكل كبير على أهدافك المالية. هل ترغب بالادّخار لدفعة أولى لشراء منزل؟ أو ترغب بالبدء في الاستثمار للحصول على دخل سلبي وتأمين مستقبلك؟ أو ربما ترغب بتعلم مهارات جديدة لكن لم تكن تستطيع تحمّل تكاليف الدورات التدريبية. فكّر بما هو مهم بالنسبة لك الآن وكيف يمكن أن تتماشى الزيادة على راتبك مع أهدافك.
احسب مقدار الزيادة الصافي
لنفترض أنك حصلت على زيادة راتب قيمتها 200 دينار، هذا لا يعني أنك فعلاً ستحصل على 200 دينار إضافية شهرياً. فلا تنسى أن جزءاً من هذا المبلغ سيذهب لاقتطاعات الضمان الاجتماعي وضريبة الدخل. إذا كنت تعرف نسبة مساهماتك، قم بحساب قيمة الاقتطاعات من الزيادة لتحصل على المقدار الصافي للزيادة بعد الاقتطاعات. من هنا، يمكنك البدء بالتخطيط لدخلك الشهري الجديد.
حان وقت تعديل الميزانية
الآن بعد أن أصبحت تعلم مقدار الزيادة الصافي الذي سيتوفر في حسابك البنكي، قم باستغلال هذه الفرصة لإعادة تقييم ميزانيتك الشهرية. قم بمراجعة نفقاتك لتحديد المجالات التي تحتاج إلى تعديل وكيف يمكنك تحقيق أقصى استفادة من الزيادة.
مثلاً، قد ترغب في تخصيص جزء من المبلغ لزيادة قسط بطاقتك الائتمانية وسداده في وقت أقل، وبالتالي دفع فوائد أقل. ويمكنك تخصيص جزء آخر من هذا المال للبدء ببناء صندوق طوارئ أو تعزيز صندوق الطوارئ الحالي لديك. بهذه الطريقة سيكون لديك مبلغ من المال يمكن الاستناد إليه في حال طرأت أي نفقات غير متوقعة.
لا تنسَ التضخم الاقتصادي
إذا حصلت على زيادة راتب خلال فترة تضخم اقتصادي، وهو ما يُعرف بالزيادة التدريجية في أسعار السلع والخدمات، عليك إجراء بعض الحسابات. فمثلاً، إذا حصلت على زيادة بنسبة 5% وكان معدل التضخم 4%، فالزيادة ليست كبيرة وستساعدك فقط في مواكبة ارتفاع الأسعار وحماية مستوى معيشتك من التضخم، لكنها للأسف لن تحقق لك الكثير. من المهم أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار حتى لا تبالغ في الإنفاق معتقداً أنك تستطيع تحمّل نفقات أكبر.
أما إذا كانت نسبة زيادة الراتب أكبر من نسبة التضخم، لنفترض أنك حصلت على زيادة بنسبة 20% وكان معدل التضخم 3%، نقترح أن تقوم بادّخار النصف للمستقبل ولأهدافك المالية، واستخدام النصف الآخر لتلبية احتياجاتك ورغباتك الحالية.
فكّر في مستقبلك
كيف يمكنك استخدام هذه الزيادة بطريقة تضمن لك زيادة ثروتك واكتساب المزيد من المال على المدى البعيد؟ الجواب بسيط: الاستثمار! فكّر في تخصيص هذا المبلغ أو جزء منه للاستثمار. عندما تستثمر، لن تحصل على دخل إضافي فحسب، بل وستنمو قيمة الأصول التي استثمرت فيها مع مرور الوقت وسترتفع عوائد وأرباح الشركات مع الوقت، وبالتالي سترتفع أسعار الأسهم، مما سيسمح لك بالحفاظ على قوّتك الشرائية في المستقبل.
هناك طريقة أخرى لاستخدام هذا المال لاكتساب المزيد من المال. إن كنت تحلم بتحويل هوايتك لمشروع يوماً ما، يمكنك تخصيص مبلغ الزيادة أو جزء منه لبدء مشروع جانبي جديد. مثلاً، إن كنت محترفاً في صنع الحلويات وترغب بتأسيس مشروعك الصغير، قد يكون شراء معدّات صنع الحلويات فكرة جيدة. أو إذا كان لديك شغف بتطوير تطبيقات الهواتف الذكية، ربما بإمكانك تخصيص هذا المال للتسجيل في دورة قد تساعدك في تطوير مهاراتك وبدء عملك الجانبي الحر.
وفي النهاية، لا تنسَ أنك عملت بجد للحصول على هذه الزيادة، لذا احرص على الاستمتاع بها قليلاً ومكافأة نفسك. قم بشراء ذلك الحذاء الذي لطالما أردته، ولا تبخل على نفسك بتناول وجبتك المفضلة في ذاك المطعم باهظ الثمن، لكن لا تعتد الأمر!